ا عداد ا شراف 2007 م

Transcript

1 جامعة النجاح الوطنية كلية الدارسات العليا ا لفاظ العقل والجوارح في القرا ن الكريم دراسة ا حصاي ية دلالة ا عداد سهام محمد ا حمد الا سمر الا ستاذ ا شراف الدكتور يحيى جبر قدمت هذه الرسالة استكما لا للحصول على درجة الماجستير في اللغة العربية الدراسات بكلية العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس فلسطين 2007 م

2

3 الا هداء الوفاء للا ساتذة المخلصين من ا هل العلم حق علينا والا خلاص للوالدين واجب علينا والمحب ة والا خلاص لمن هم قر ة ا عيينا حق لهم يترب ع قسر ا في كل ا هداء ومكان... ا لى هو لاء جميع ا ا هدي هذا العمل... ا لى ا ستاذي الدكتور يحيى جبر على وجه الخصوص ري يس قسم اللغة العربية. من ا هل العلم والبيان بيننا لما يقد مه من مفاتيح وا فكار لعقولنا تضعنا على جاد ة الطريق. ا لى والدي ا ستاذ اللغة العربية المتقاعد نفوسنا منذ الصغر. حفظه االله- الذي غرس حب اللغة الفصحى في ا لى والدتي حفظها االله- التي عز زت روح الجد والاجتهاد فينا. ا لى نجلي الحبيب عمر الذي كان بذكاي ه يحض ني في دعابة على القراءة والدرس عندما ا حض ه على متابعة دروسه في المدرسة. ا لى طفلي سامر وزيد الذين ا طالوا ع مر بحثي بسبب قدومهم ا لى الحياة... حفظهم االله. ج

4 كر والتقدير ا شل الحمد الله الذي م ن عل ي با تمام هذه الرسالة وا عانني على ا نجازها على هذا النحو فله الحمد كله كما يليق بجلال وجهه وعظيم م نه وفضله. قال رسول االله صلى االله عليه وسلم : "من لا يشكر الناس لا يشكر االله". لا يسعني في هذا المقام ا لا ا ن ا قدم شكري وتقديري ا لى الا ستاذ الدكتور يحيى جبر على عطاي ه المتميز في هذه الجامعة وعلى متابعته وتوجيهاته القيمة لهذا البحث. كما ا تقدم بالشكر للعاملين في مكتبة جامعة النجاح الوطنية ا خص بالذكر منهم السيد ا بو مازن. وا قدم شكري الجزيل: ا لى مو سسة سلسبيل للكمبيوتر لما قاموا به من طباعة لمادة البحث وترتيبه والعناية با خراجه على هذا النحو. جزى االله كل من ذكرت خير الجزاء. الباحث د

5 فهرس المحتويات الموضوع صفحة العنوان مصادقة ا عضاء لجنة المناقشة الا هداء الشكر والتقدير فهرس المحتويات الملخص باللغة العربية المقدمة الفصل الا ول: ا لفاظ العقل والجوارح بين الفلاسفة واللغويين الجوارح والفلسفة (1) جارحة العين (2) جارحة السمع (3) جارحة الفم واللسان (4) جارحة اليد والقدم ا لفاظ العقل عند الفلاسفة حقيقة العقل وا قسامه عند الغزالي ا قسام القوى العقلية عند الرازي العقل عند ابن سينا الفارابي والعقل موقف ابن خلدون من العقل العقل عند ابن طفيل الفصل الثاني: المجموعات الدلالية تصنيف وتحليل ا لفاظ ا فعال العين ا لفاظ ا فعال السمع ا لفاظ ا فعال اليد ا لفاظ ا فعال القدم ا لفاظ ا فعال الفم ا لفاظ ا فعال اللسان رقم الصفحة ا ب ج د ه ط ه

6 الموضوع ا لفاظ ا فعال الوعي والا دراك الفصل الثالث: فهرس معجم ا لفاظ العقل والجوارح في القرا ن الكريم الفهرس الا ول: فهرس ا لفاظ ا بنية المعجم وشواهدها في القرا ن الكريم الفهرس الثاني: فهرس ا حصاء ا لفاظ المعجم في الا يات المكية والمدنية في الكريم الخاتمة مسرد المصادر والمراجع العنوان باللغة الا نجليزية Abstract القرا ن رقم الصفحة a b و

7 ا لفاظ العقل والجوارح في القرا ن الكريم إعداد سهام محمد ا حمد الا سمر ا شراف الا ستاذ الدكتور يحيى جبر الملخص الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ا ما بعد: فقد جاء هذا البحث في مقدمة وثلاثة فصول ري يسة وخاتمة جاءت المقدمة توجز ا همية اللغة في حياة الا نسان وتذكر مكانة اللغة العربية التي نزل بها القرا ن الكريم وكان العنوان "معجم ا لفاظ العقل والجوارح في القرا ن الكريم دراسة ا حصاي ية دلالية". وجاء الفصل الا ول: دراسة نظرية بعنوان "ا لفاظ العقل والجوارح بين الفلاسفة واللغويين" فيه ا راء ناقش ت الفلاسفة واللغويين في ا لفاظ الجوارح وا لفاظ الوعي والا دراك التي استقت كثير ا من ا صولها من الفلسفة اليونانية ا لا ا نها جاءت مصطبغة بطابع الدين الا سلامي غالب ا. ثم مقابلة هذه الا راء با راء اللغويين خاصة عندما تتفق وجهات النظر في معالجة اللفظة. ا ما الفصل الثاني: فقد قسمت فيه المعجم ا لى مجموعات دلالية تم فيها مناقشة الدلالات اللغوية وتا صيلها في المعاجم العربية وربط الدلالات المختلفة لهذه الا لفاظ وبيان ا ن معظم ا لفاظ المعجم بدا ت في دلالاتها بالمعاني المحسوسة ثم تطورت ا لى المعاني العقلية المجردة وقد نال المجاز ا حدى ا هم القضايا اللغوية في هذه الدراسة حظه من الا مثلة والشواهد والتا صيل في هذا العنوان. وجاء الفصل الثالث جدولة ا حصاي ية في فهرسين الفهرس الا ول: ا لفاظ العقل والجوارح مرتبة ا بتثي ا حسب ا صولها اللغوية معززة بشواهد من ا يات القرا ن الكريم على الا بنية المختلفة للا صل اللغوي. والفهرس الثاني: جدولة ا حصاي ية تبين عدد ورود اللفظة بمشتقاتها المختلفة في ا يات القرا ن الكريم عامة وعدد ورودها في الا يات المكية والمدنية. ز

8 وجاءت خاتمة البحث تلقي الضوء على ا برز ما فيه وتلخص ا هم النتاي ج التي توصل ا ليها وبي نت الجديد الذي ا ضيف ا لى الدراسات السابقة. والحمد الله في البدء والمنتهى وصلى االله وسلم على رسوله المجتبى. ح

9 ط

10 4 المقد مة قال تعالى: $pκš r' tƒ" Ÿ Í!$t7s%uρ $\/θãèä öνä3 oψù=yèy_uρ 4 s\ρé&uρ 9 x.sœ ÏiΒ /ä3 oψø)n=yz $ ΡÎ) â $ Ζ9$# (1). " Î7yz îλ Î=tã!$# βî) öνä39s)ø?r& «!$# y ΨÏã ö/ä3tβt ò2r& βî) خلق االله البشر ليتعارفوا من (#þθèùu $yètgï9 ا جل عمارة الا رض ويتواصلوا. ومن ا برز شرايين التواصل والتعارف والتفاهم منذ بدء الخليقة شريان اللغة النابض نبض الحياة ذاتها والمتنو ع تنو ع الحضارات عينها. وما ال لغة ا لا تراكم خبرات وثقافات عبر الز مان والمكان تتج ذر وتنمو وتتطو ر في ا لفاظها ودلالاتها بنمو الا مة التي تحملها وتطو ر ثقافتها وا صالة وجودها. وهذه هي لغة القرا ن لغة قريش ا فصح القباي ل العربية قاطبة تباهت بلغتها يوم ا وتميز ت بها ا لى ا ن جاءت لغة القرا ن بها ولكنها عجزت على ا ن تباري هذا القرا ن العظيم في ا ية منه فكان القرا ن معجز ا لفصاحته وبيانه وما زال كما هو معجز في كل جانب من جوانب العلم والمعرفة. ا نها ا للغة النامية المتطو رة الصالحة لكل زمان ومكان. ومن حق هذا القرا ن العظيم ا ن ندا ب على تناوله بالبحث والد راسة في كل جانب من جوانبه ال لغوية والعلمية وغيرها. وقد و فقني االله تعالى ا لى اختيار موضوع ا طروحتي با عداد معجم خاص با لفاظ العقل والجوارح في القرا ن الكريم ثم تناول هذا المعجم بالدراسة الد لالية اللغوية من خلال تا صيل الد لالات في ا مهات المعاجم الا صول ودراسة هذه الا لفاظ بشكل عام من وجهة نظر فلسفية. وقد قمت باستقصاء هذه الا لفاظ واستخراجها من المصحف الشريف مستعين ا بالمعجم المفهرس لا لفاظ القرا ن الكريم معتمدة على الد لالة ال لغوية للجوارح والعقل من الناحية ا للغوية. وقد سلكت ا و لا جمع مفردات عد ة كحاطب ليل ثم استبعدت بعض الا لفاظ بعد البحث في دلالاتها ورا يت ا نها لا تناسب المعجم وربما تكون هناك لفظة ا و ا خرى لم استدركها ا رجو من االله ا ن يسد ثغرة هذا العمل بجهود ا خرى تكمل وتعمق وتفرد الا بواب لكل جارحة... فالموضوع فيه من ال ثراء والت شعب ما يصلح لا كثر من بحث. كيف لا وهي لغة عظيمة في كتاب عظيم نقف ا مام بحره لا نعرف كيف ومن ا ين نغترف منه العلم والا عجاز. 1 (1) سورة الحجرات الا ية (13).

11 وقد ذكرت ا ن اختياري لا لفاظ الجوارح بناء على دلالة الجوارح في كتب ا للغة والتفسير التي ذكرت ا ن الجوارح هي ا عضاء الجسد وعوامله التي تكسب الا نسان الخير والشر والثواب والعقاب ومنها الحواس المعروفة وهي حاسة البصر وا لتها العين والسمع وا لتها الا ذن والذوق öνíκ Ï ƒr&uρ öνßγçft Å ø9r& öνíκö n=tã ß pκô s? tπöθtƒ" وا لتها اللسان ثم جارحة الفم واليد والقدم. قال تعالى: (2). "tβθè=yϑ ètƒ (#θçρ%x. $yϑî/ Νßγè=ã_ö r&uρ وقد ذكر الزبيدي في تاج العروس في معنى الا صل ال لغوي ل (جرح)... " تقول جرح الشيء وهو مجاز كاجترح. يقال فلان يجرح لعياله ويقترش بمعنى. وفي التنزيل اجترحوا السيي ات ا ي اكتسبوا" وفي الا ساس "بي سما جرحت يداك واجترحت ا ي عملتا وا ثرتا وهو مستعار (3) من تا ثير الجارح". وهذا ما ذكره ا يض ا ابن منظور في لسان العرب "جرح الشيء واجترحه كسبه وفيما نقله عن ا بي عمرو يقال لا ناث الخيل جوارح لا نها تكسب ا ربابها نتاجها ويقال ماله جارحة ا ي ا نثى ذات رح م محمل ماله جارح ا ي ماله كاسب. وجوارح الا نسان: ا عضاو ه وعوامل جسده كيديه (4) ورجليه واحدتها جارحة لا نهن يجرحن الخير وال شر ا ي يكسبنه". وقد قس مت عملي ا لى ثلاثة فصول الفصل الا ول: جاء دراسة نظرية تناولت فيه ا راء الفلاسفة والحكماء في ا لفاظ المعجم من وجهات نظر عد ة مع مقابلتها با راء ال لغويين بايجاز. ثم الفصل الثاني: ا ذ قسمت المعجم فيه ا لى مجموعات دلالية تختص كل مجموعة با لفاظ جارحة مر تبة ا بتثي ا وفق حروفها منفردة عن باقي ا لفاظ الجوارح الا خرى. ث م بدا ت بمناقشة الد لالات ال لغوية لكل جارحة وتا صيل هذه المعاني في المعاجم العربية الا مهات وتفسير القرا ن الكريم. وكان ا مام هذه المعاجم لسان العرب لابن منظور ثم التاج للزبيدي وكذلك المقاييس لابن فارس وا ساس البلاغة للزمخشري. وقد استخدمت الا خير لتبي ن مواقع المجاز ل لفظة بشكل عام (2) سورة النور الا ية (24). (3) الزبيدي: محمد تاج العروس ج 9 ص/.130 (4) ابن منظور: جمال الدين لسان العرب ج 3 ص/

12 وربط هذه الد لالات المتنوعة محاول ة تعقب دلالة ال لفظة في معانيها المحسوسة ثم معانيها العقلية المجر دة وتلم س هذا التطور الد لالي سواء في باب الحقيقة كان ا م في باب المجاز. ومحاولة تطبيق هذه القاعدة من خلال المعاني على جميع الا لفاظ ا و ج لها سواء من خلال دلالاتها في الا يات القرا نية ا و من خلال دلالاتها في الا مثلة والشواهد المو صلة في المعاجم العربية. ثم الفصل الثالث: الذي جاء في فهرسين الفهرس الا ول معجم ا لفاظ العقل والجوارح مرتب ة ا بتثي ا حسب ا صولها اللغوية مستشهدة على كل ا صل لغوي با مثلة من ا يات القرا ن الكريم مختارة على الا بنية ال لغوية ل لفظه المختلفة مبتدا ة بالمصدر فالمجرد ثم المزيد ثم ا بنية المشتقات من اسم للفاعل والمفعول وصيغة المبالغة والص فة المشبهة ا و اسم زمان ومكان ا ن وجد. وقد و ثقت الا يات مباشرة في جدول يذكر اسم السورة ورقم الا ية من المصحف الشريف والمعجم المفهرس لا لفاظ القرا ن الكريم. والفهرس الثاني جدولة ا حصاي ية تبين عدد ورود كل ا ص ل لغوي في القرا ن الكريم ونسبة وروده في الا يات المكية والمدنية. ثم خاتمة البحث: التي ا لقت الضوء على ا برز ما جاء فيه ولخص ت ما توص ل ا ليه من نتاي ج وبي نت الجديد الذي ا ضافه ا لى الدراسات السابقة. ولا يخفى على ا حد ا ن لكل بحث بعض الص عوبات التي يواجهها خاص ة ا ن البحث في ا يات الكتاب يتط لب م نا الحذر في ا بداء الرا ي ووجهة النظر حتى لا يقع المسلم في ال ذنب دون قصد. فهو الكتاب المقدس ليس ديوان ا ا و رواية من وضع الا نسان. وكذلك جمع الا لفاظ فكثير ا ما جمعت من الا لفاظ وبعد البحث في دلالتها توص لت ا لى ا قصاي ها عن ا لفاظ البحث وا ضافة ا لفاظ ا خرى. كما ا ن جمع الماد ة من المعاجم الا صول وانتفاي ها... يحتاج ا لى جهد مضاعف نظر ا لغزارة الماد ة دون فصل في العناوين فجاءت كل لفظة بحث ا قاي م ا بذاته. 3

13 ا ما المنهج الذي اتبعته في هذه الد راسة فهو المنهج الوصفي التاريخي في استقصاء الا لفاظ ا و لا ثم استقراء الا لفاظ ومناقشتها وفق ا للمنهج التاريخي الذي يبحث عن ا صول الا لفاظ وتطو رها. وا خير ا ا رجو ا ن يكون جهدي ا و لا في خدمة كتاب االله الكريم وا ن يكون علم ا ي نتفع به في حياتي ومماتي... وا ن يكون مفتاح ا لبحث ا وسع في المستقبل ا ن شاء االله. 4

14 الفصل الا ول ا لفاظ العقل والجوارح بين الفلاسفة واللغويين 5

15 ا لفاظ العقل والجوارح بين الفلاسفة واللغويين كان القرا ن الكريم وما زال- الكتاب المعجز منذ نزوله على سيد الخلق ا جمعين كان معجز ا في لغته وبيانه وما زالت مكتشفات العلم الحديث تو كد في كل يوم وتكشف عما جاء به هذا القرا ن قبل خمسة عشر قرن ا. ا ن مدار حديثنا في هذه الد راسة هو جوارح الا نسان وعقله من نوا ح دلالية كما مر في الفصل الثاني ومن نواح فلسفية كما سيا تي في هذا الفصل. وارتبطت جوارح الا نسان كل الارتباط بعقله كما ورد في ا لفاظ القرا ن الكريم ابتداء ثم بس نته صلى االله عليه وسلم وانتهاء ا لى ما نحن بصدده من ا راء للفلاسفة والحكماء المسلمين بشكل خاص. وقد ا فاد علماء المسلمين من ثقافات الا مم الا خرى وجمعوا ماد ة غزيرة ا تاحت لهم فرصة البحث والتا ليف في العلوم المختلفة ومن هذه العلوم الفلسفة وعلم النفس وتبي ن من ا راء هو لاء العلماء تا ثرهم الكبير با راء الفلاسفة اليونان مما جاء واضح ا في مو لفاتهم وا راي هم عن جوارح الا نسان وعقله مما تناولوه تحت عنوان النفس وتفاوت هو لاء الفلاسفة في تناول فعل ا مر النفس فمنهم من نزع ا لى المادية المتطرفة ومنهم ا لى الروحية المتصو فة المتطرفة ا يض ا ومنهم من كان م تزنا بين هذه وتلك مع التا ثر بالطابع الا سلامي ا ضافة ا لى الاستناد ا لى النظريات العلمية في بعض الا مور التي تناولوها بالبحث فيما يخص الجوارح والعقل الا نساني وا ن لم تصل في بعض الا حيان ا لى درجة النظرية العلمية الحديثة نظر ا لقلة الوساي ل التكنولوجية والدقة المتاحة لنا في العصر الحديث. كما ا ننا نلحظ تا ثرهم الكبير بالا فكار الفلسفية الا جنبية وخصوص ا اليونانية منها في ماهية النفس وعلاقتها بالبدن. فتا ثروا با راء ا رسطو في تقسيم القوى النفسية ا لى نباتية وحيوانية وناطقة ودراسته للحواس والتخي ل. 6

16 وا ذا علمنا ا ن الفلاسفة ينزعون ا لى الروحانيات والعقلانيات ا كثر من نزوعهم ا لى الماديات فا ننا سنعرض من هذه الا راء لعلماء المسلمين من خلال نظرياتهم في النفس مع محاولة المواءمة بين تلك النظريات الفلسفية -ا ن جاز لنا تسميتها بنظريات- وبين معطيات العلم الحديث. وسنبدا الحديث عن الجوارح مجتمعة ولا بد عند الحديث عن هذا الموضوع ا ن نربطه بالعقل نظر ا للتداخل الحاصل بينهما ثم الحديث عن العقل في عنوان ا خر. الجوارح والفلسفة: حواس الا نسان هي ا هم الجوارح التي نحن بصدد الحديث عنها من وجهة نظر فلسفية ويرى بعض الفلاسفة ا نها صلة الوصل بين الذات والعالم "... والحواس هي صلة الوصل بين الذات والعالم ولذلك يقوم الد ماغ بعد كل ا فاقة با عداد ا قسامه المختص ة لتلقي مكالمات الحواس التي تصل ا ليها دون انقطاع طيلة فترة اليقظة رغم الاختلافات الكيفية الكبيرة التي توجد بين ا حساسات (5) الحواس ا لا ا ن العقل يكون من مجموعها صورة المحيط الذي يعيش فيه". وهذا فخر الدين الر ازي ا حد ا ساطين الفلاسفة والطب الا سلامي في كتابه النفس والروح شرح موقفه عندما يتحد ث عن ماهية جوهر النفس يربط بين ا فعال حواس الا نسان بالنفس ويجعل هذه الحواس ا لات النفس "... فثبت بما ذكرنا ا ن النفس الا نسانية شيء واحد وثبت ا ن تلك النفس هي المبصرة والسامعة والشامة والذاي قة وال لامسة وهي الموصوفة بعينها بالتخيل والتفكير والتذكر وتدبير البدن وا صلاحه..." (6). وفي الباب نفسه يقول: "ثبت ا ن المدرك لجميع الا دراكات والمباشر لتحريك الا عضاء شيء واحد في الا نسان لا نا ا ذا تك لمنا فقد عقلنا ا و لا ثم ا ردنا ا ن نعرف غير ذلك المعنى ثاني ا ثم ا ن اختيارنا ا دخلنا تلك الحروف والا صوات ثالث ا لنعر ف غيرنا بواسطة تلك الحروف والا صوات تلك المعاني التي عرفنا. ا ذا ثبت هذا فنقول: ا ن كان محل العلم والا دراك هو بعينه محل تلك الحروف والا صوات لزم ا ن يقال ا ن محل العلوم والا دراكات هو الحنجرة واللهاة واللسان ومن المعلوم الرازي محمد: كتاب النفس والروح وشرح قواهما ص (5) (6) توفيق محمد عز الدين: دليل الا نفس بين القرا ن والعلم الحديث ص 267.

17 بالضرورة ا ن الا مر ليس كذلك... وقد بي نا ا ن المدرك لكل المدركات والمحر كات لجميع الا عضاء بكل التحريكات بحيث ا ن تكون شيي ا واحد ا فلم يب ق ا لا ا ن يقال محل الا دراك في البدن شيء سوى هذه الا عضاء وا ن هذه الا عضاء جارية مجرى ا لات وا دوات له فكما ا ن النجار يفعل ا فعا لا مختلفة بواسطة ا لات مختلفة فكذلك النفس تبصر بالعين وتسمع بالا ذن وتتف كر بالدماغ وتعقل (7) بالقلب فهذه الا عضاء ا لات النفس وا دوات لها. ويورد سعيد باسل را ي الغزالي في عمل الحواس وذلك في منهج البحث عن المعرفة عند الغزالي وهو "ا ن الحواس وا ن كانت بالاشتراك مع الوهم تدرك التعد د والتباين فلكل حاسة منها وظيفة بالنسبة ا لى العقل مستق لة عن وظاي ف الحواس الا خرى غير ا ن العقل لا يتلقى المعلومات من الحواس مباشرة وا نما من المتخيلة التي تجري منه مجرى صاحب بريده وهي التي تتلقى هذه (8) المعلومات المختلفة من الحواس ويشرح الغزالي وظيفة كل حاسة من الحواس في نقل المعلومات فيقول: "ا ن القوة الخيالية المودعة في مقد م الدماغ تجري من العقل مجرى صاحب بريده تجتمع ا خبار المحسوسات عندها وتجري الحافظة التي مسكنها حوافز الدماغ مجرى الخازن لهذا البريد وتجري الحواس الخمس مجرى جواسيسه فيوكل كل واحد منها با خبار صقع من الا صقاع فيوكل العين بعالم الا لوان والسمع بعالم الا صوات والشم بعالم الرواي ح وكذلك ساي رها فا نها ا صحاب (9) ا خبار يلتقطونها من هذه العوالم ويو د ونها ا لى القوة الخيالية التي هي كصاحب البريد". والحواس ليست خمس ا عند ابن رشد فهو يشكك في حاسة ال لمس وفي ذلك يقول: "... ا ما الحواس الا ربع التي هي السمع والبصر والشم والذوق فب ين ا ن الد ماغ ا نما جعل لمكانها (من ا جلها) وا نها موجودة فيه وبخاصة السمع والشم وكذلك تبي ن ا ن لكل واحد منها ا لة خاص ة فا لة البصر العين وا لة السمع الا ذن وا لة الشم المنخر وا لة الذوق اللسان وا ما ا لة ال لمس الخاصة ففيها (10) شكوك...". ابن رشد محمد: الكليات في الطب مع معجم بالمصطلحات الطبية العربية ص (7) (8) (9) الرازي محمد: كتاب النفس والروح وشرح قواهما ص باسل فكتور: منهج البحث عن المعرفة عند الغزالي ص 52. الغزالي محمد: ا حياء علوم الدين ج 3 ص/.9 (10)

18 ولقد ا درك هو لاء الفلاسفة مكانة الحواس وا هميتها وا ن كان ا كبارهم للا مور الروحانية والعقلانية ا كثر من اهتمامهم بالحواس لذاتها- ا لا ا نهم يتفقون على ا ن هذه الحواس هي وساي ل لا غنى عنها في ا كساب الا نسان كا فة المعارف وبداية طريق المعرفة تكون بواسطتها سواء ا كانت هذه المعارف بسيطة وا ولي ة ا م معارف متراكمة ومتطورة ثم يا تي دور العقل الذي يمي ز الا نسان عن الحيوانات في ا دراك تلك المعارف بطريقة ا خرى وهذا ما نراه عند ا خوان الصفاء في رسالتهم العاشرة حول الجسمانيات والطبيعيات فعلم الا نسان بالمعلومات يا تي "من ثلاثة طرق ا حدها طريق الحواس الخمس الذي هو ا ول الطريق ويكون جمهور علم الا نسان ويكون معرفته بها ا ول الصبا ويشترك الناس ك لهم فيها وتشاركهم الحيوانات والثاني طريق العقل الذي ينفصل به الا نسان دون ساي ر الحيوانات ومعرفته به تكون بعد الص با عند البلوغ والثالث طريق البرهان الذي يتفر د به قوم من العلماء دون غيرهم من الناس وتكون معرفتهم بها بعد النظر في الرياضيات (11) والهندسة...". ويعر فنا ا خوان الص فاء ا يض ا بالحواس الخمس وبما هي القوى الحساسة والا حساس والمحسوسات حيث يقولون: "فاعلم ا ن الحواس هي ا لات حسية وهي خمس العين والا ذن واللسان والا نف واليد وذلك ا ن كل واحد منها عضو الجسد. وا ما القوى الحس اسة فهي قوى روحانية نفسانية يختص كل منها بعضو من ا عضاء الجسد. ا ما المحسوسات: فالا شياء المدركة بالحواس هي ا عراض حا لة في الا جسام الطبيعية مو ثرة في الحواس مفيدة لكيفية مزاجها. والا حساس: هو شعور القوى الحساسة لتغييرات كيفية من جهة الحواس بيان ذلك ا ن القوة الباصرة مجراها العين وهي مستنبطة الحدقتين في الرطوبة الجليدية والقوة السامعة مجراها في الا ذنين وهي مستبطنة الص مخاين مما يلي البطن المو خرة من الدماغ والقوة الشامة مجراها في المنخرين وهي مستنبطة الخياشيم مم ا يلي البطن الم قدم من الدماغ والقوة الذاي قة ومجراها الفم ا خوان الصفاء: رساي ل ا خوان الصفاء وخلان الوفاء ص (11)

19 وهي تستبطن في رطوبة اللس ان والقوة اللامسة ومجراها في عامة سطح بدن الحيوان الدقيق (12) الجلد ولكنها في الا نسان ا ظهر وخاصة في الا نملة كما قيل: "الا نامل حاكمة البدن". فهم يقرون ا همية الحواس الخمسة ويميزون ا فعال الحواس من ا فعال العقل وينسبونها ا لى مصطلح النفس والقوى الحساسة والقوى النامية والقوى الحيوانية. والفارابي ا يض ا يربط عمل الحواس بقوى النفس كما يصطلح الفلاسفة المسلمون على ذلك ثم يميز بين ا نواع ومراتب الا دراك وينسبها ا يض ا ا لى العقل الذي يجعله الفلاسفة جزء ا من قوى النفس الا نسانية ا و مرادف ا له كما يجعل الحواس ا لات العقل في المعرفة. ويتحدث جميل صليبا في تاريخ الفلسفة العربية عن القوة الحاسة من وجهة نظر الفارابي ويقول: "ا ن الحواس الخمس الظاهرة هي الطريق التي تستفيد منها ال نفس معرفتها بالا شياء (13) الخارجية...". ويوجز عمر فروخ ا راء ابن حزم في هذا المجال تحت عنوان الحس والعقل ا ذ يقول: "جعل ابن حزم المعرفة بالحس السليم (بالحواس السليمة) وبالبديهة شيي ا واحد ا ذلك ا ن المعرفة بالبديهة ا و با ول العقل تقوم في حقيقتها على الحس السليم. وهكذا تكون المعرفة عند ابن حزم بشهادة الحواس (بالحس الصحيح مباشرة) ا و ا م ا ببرهان راجع من قرب ا و بعد ا لى شهادة (14) الحواس". وهكذا نرى اتفاق ابن حزم في ا راي ه مع الفلاسفة في بيان وظاي ف الحواس واعتبارها وساي ط للعقل في حدوث المعرفة. وهذا ما يو كده العلم الحديث في نظريات المعرفة المبثوثة لدى علماء النفس والفلاسفة المحدثون جاء في الموسوعة النفسية "لا شك ا ن كل معرفة لا بد وا ن تتضمن وجه ا عملي ا ووجه ا فروخ عمر: تاريخ الفكر العربي ا لى ا يام ابن خلدون ص (12) (13) (14) المصدر نفسه ج 2 ص/.401 صليبا جميل: تاريخ الفلسفة العربية ص 60.

20 نظري ا ولهذا تدخل الحواس كا حدى الوساي ط الهامة في اقتناص المعارف عن طريق اعتقالها واستيعابها حيث ا نها تم د القوى الا دراكية بالقدرة على التعر ف ا لى الا شياء المحيطة بالا نسان والتي (15) يزخر بها عالمه الخارجي الذي يحيط بها". هذه النظريات القديمة والحديثة حول ا فعال الحواس ودو رها عب رت عنها ا لفاظ ا فعال الجوارح في القرا ن الكريم كما تقد م في الفصل السابق- بدلالات لغوية معنوية ا و مجازية فيجيء البصر مث لا بمعنى العلم وكذلك السمع ا لى غير ذلك من الد لالات المجازية والمعنوية التي ور دت في الفصل السابق في معاني ا لفاظ الجوارح لدى علماء ال لغة. وقد نقل ابن منظور عن ابن سيده معنى البصر با نه (16) "حس العين والجمع ا بصار" وهذا ما ذهب ا ليه الفلاسفة في وظاي ف الحواس. ا ما البصر -على سبيل المثال- يا تي عند اللغويين بدلالته المعنوية من باب المجاز فقد ذكر ابن منظور ا ن: "... البصير العالم... وبصرت الشيء (18). " ÏμÎ/ (#ρç ÝÇö7tƒ öνs9 $yϑî/ ßN ÝÇo0 (17) علمته واستشهد بقوله تعالى: tα$s%" وهذه الدلالة المجازية التي وردت عند ابن منظور هي عينها التي تحدث عنها الفلاسفة حيث ارتباط الجوارح بالقوة الحساسة الروحانية التي يختص بها كل عضو من ا عضاء الجسد. وسا قسم الجوارح ا لى عناوين مستق لة حسب كل جارحة ا ذ سا فرد لكل جارحة عنوان ا يناقش ا راء الفلاسفة الخاص ة بتلك الجارحة باستثناء جارحة اليد والقدم ا ذ سا فرد لهما عنوان ا واحد ا متص لا بحاسة ال لمس نظر ا لصلتهما الوثيقة بهذه الحاسة في ا راء الفلاسفة. (1) جارحة العين: يتفق العلماء والفلاسفة على ا ن ال نظر من ا هم الوساي ل التي تفس ر للا نسان العالم المحيط به. ولا بد عند الحديث عن ا فعال جارحة العين من التعريف ب: "كل جارحة من الناحية الفسيولوجية (15) (16) (17) (18) غالب مصطفى: في سبيل موسوعة نفسية ج 12-9 ص/ ابن منظور: لسان العرب ج 4 ص/ المصدر نفسه ج 4 ص/ سورة طه ا ية مادة بصر. 64 مادة بصر.

21 4 با يجاز. ويشبه العلماء العينين بكرتين من الهلام تبعد ا حداهما عن الا خرى مسافة ( 2.5 سم) تقريب ا. ويقس مون ا جزاء العين ا لى ثلاثة ا جزاء ا ساسية الغشاء الخارجي والغشاء الوسطي المكون من مشيمة العين والقزحية والغشاء الد اخلي (شبكة العين) ويعدونه ا هم ا جزاء العين فيه الا عصاب التي تلتقط الصور وتنقلها ا لى الدماغ. "... تتحسس العصيات في الشبكة الا نوار القاتمة فيما تتحسس المخاريط الا ضواء الزاهية والا لوان والمخاريط هي الخلايا الوحيدة التي تبطن النقرة وهي انخساف يكون عند البصر في ا على مستوى. يحس الضوء الذي تحسسته الشبكة با رسال نبضات (19) تنقل من خلال العصب البصري ا لى القسم الخلفي من الد ماغ". وقد ا شار الا طباء من الفلاسفة المسلمين ا لى ا ن العين هي ا لة الا بصار من ناحية تشريحية. وجاءت في الفصل السابق ا لفاظ ا فعال العين دا لة على الناحية الوظيفية لها وهي فعل الا بصار والرو ية ا ضافة ا لى الد لالات المجازية الا خرى بمعنى العلم والفكر. وذكر الجرجاني في تعريف البصر ا نه: "القوة المودعة في العصبتين المجو فتين اللتين (20) تتلاقيان ثم تفترقان فتا ويان ا لى العين لتدرك بها الا ضواء والا لوان والا شكال". وقد ربط الفلاسفة ا فعال جوارح الا نسان عامة وجارحة البصر خاص ة بالمعاني المعنوية العقلية المجر دة واستدلوا على ذلك بدلاي ل كثيرة يثبتها القرا ن وبالمقارنة حتى مع التفسيرات العلمية الدقيقة لا فعال الجوارح عامة وا فعال العين خاص ة نجد ا ن هناك ترابط ا بين ما قاله الفلاسفة الم تزنون وبين الحقاي ق العلمية والنفسية في العلوم الحديثة من جهة وبين ما حض عليه القرا ن الكريم ا يض ا من جهة ا خرى. "ا مر القرا ن الكريم با حسان استعمال السمع والبصر والعقل حتى يهتدي الا نسان عن طريقها ا لى الحق والحقيقة ويكون الحق واضح ا عنده والحقيقة ثابتة لديه قال çμ Ψtã tβ%x. y7í s9'ρé& ä. yš#xσà ø9$#uρ u Çt7ø9$#uρ yìôϑ 9$# βî) íοù=ïæ ÏμÎ/ y7s9 } øšs9 $tβ ß#ø)s? تعالى: Ÿωuρ" (21) "Zωθä ó tβ ففي هذه الا ية الجامعة ا صول ري يسة هي الم تبعة في ا صول النظر العلمي فلقد ا مر 12 (19) (20) (21) حبيب زينب: موسوعة جسم الا نسان ص 62. الجرجاني علي: التعريفات ص 71. سورة الا سراء ا ية 36.

22 بالمشاهدة الصحيحة والتفكير الصحيح وا ن على الا نسان ا ن يتمسك ما يصل ا ليه من حق ا و حقيقة (22) على هذين الطريقين: المشاهدة والتفكير". وغلب على الفلاسفة الذين تناولوا جوارح الا نسان من وجهة نظر فلسفية ا نهم كانوا ا طباء بحثوا في تركيب هذه الجوارح من ناحية فسيولوجية كابن رشد وابن سينا والرازي وكانوا يعضدون وجهات نظرهم بالحقاي ق العلمية المتاحة لهم ا نذاك. وا ورد ابن رشد في كتاب الصحة شرح ا عن العين وتركيبها قاي لا: "وا ما العينان الا مر فيهما بي ن ا نهما ا لة الا بصار ولما كانت العين على ما ظهر بالتشريح مو لفة من ثلاث طبقات وثلاث (23) رطوبات فقد ينبغي ا ن ننظر منفعة واحدة منها...". نلاحظ ا ن ا راء الفلاسفة حول ا لفاظ الجوارح تعتمد على تحليلهم الفسيولوجي من جانب تركيب هذه الحواس والجوارح وتعليل ا لية عملها ثم ر د ذلك ا لى قوى روحانية في ال نفس فا ن كانت بداية الطريق لديهم حديث عن المادي ات المحسوسة لجوارح الا نسان ا لا ا نهم يصلون ا لى ا ن ا فعال هذه الجوارح سواء ا كانت ا فعال الرو يا الحقيقية ا ذا كانت في حاسة الا بصار مث لا ا و الا فعال المجازية التي تعني الفكر والعلم- ترتد ا لى عالم الر وح الموجود في النفس وهو عالم غير معروف وملموس. وا ذا وافقنا هو لاء الفلاسفة على ا راي هم لن نجد ا نهم يختلفون في بعض هذه الا سس عم ا وصل ا ليه العلم الحديث من تحليل كيفية عملية الا بصار بطريقة دقيقة ولكن العلم الحديث ما زال عاجز ا عن فهم طريقة العقل في فهم هذه الصو رة التي انتقلت ا ليه عن طريق النبضات العصبية ولعل هذا الذي عنوا به القوى الروحانية. ا م ر ر بي و م ا ا وت يت م م ن ا لع ل م ا لا قل ي لا" (24). قال تعالى: " و ي س ا لون ك ع ن ال رو ح ق ل ال روح م ن ويذكر فروخ في دراسة لرساي ل ا خوان الصفاء را يهم في الحواس عام ة وحاس ة البصر خاصة وهو ا ن سبب اختلاف المعرفة "راجع ا لى اختلاف ماهية المعروفات فمعرفة الا شياء 13 (22) (23) (24) طوقان قدري: مقام العقل عند العرب ص 21. ابن رشد: الكليات في الطب ص 194. سورة الا سراء ا ية 85.

23 المادية المحسوسة تكون عن طريق الحواس الخمس وا ما ما كان ا شرف من النفس وا على فيعرف عن طريق البرهان"... ثم ا ن بعض الحواس ا شرف من بعض فا خوان الصفاء يعتقدون ا ن حاسة (25) النظر ا شد ا م ن ا في المعرفة من حاسة السمع...". ويقول الباحث محمد عز الدين توفيق في كتابه دليل الا نفس بعد ا ن يتحدث عن العين وتركيبها وا لية عملها من الناحية الفسيولوجية: "... ويبقى السو ال الكبير بعد كل هذا: كيف تقوم التيارات العصبي ة بتوليد صورة حي ة لها معنى في عقولنا ا ن طريقة العقل في استخراج صور معروفة مفهومة من نبضات عصبية مرسلة ا ليه من الشبكية يعتبر واحد ا من ا غرب العمليات التي (26) تتم في الا نسان ا نها لغة العقل التي لا يفهمها غيره..." ا ذن هم يتفقون في المبادي مع ما وصل ا ليه العلم الحديث ولا يختلف عندهم ا لا المصطلح. وابن سينا الطبيب الفيلسوف نجده يتحدث عن البصر كعضو من ناحية تشريحية ويذكر نجاتي ا ن "كلام ابن سينا في تشريح العين كلام مضطرب غامض... وبعد ا ن يقارن بين معطيات التشريح الحديث وما قاله ابن سينا يقول: "يكاد يتفق تشريح العين عند ابن سينا مع التشريح الحديث (27) في ا ساسه وا ن اختلف عنه في بعض تفاصيله". ونعود لنو كد ا ن الفلاسفة عندما تناولوا الجوارح الا نسانية ا و الحواس الخمس جعلوها ا لات للعقل الا نساني ا و النفس فهي النفق الذي تمر عملية الا دراك به لتتم في العقل. وهذا ابن طفيل في قصته الشهيرة "حي بن يقظان" التي يعرض فيها فلسفته الخاص ة من خلال تلك الشخصية بهدف ا ثبات ا ن العقل سبيل المعرفة الصحيحة نراه يستخدم ا لفاظ البصر والنظر مرار ا على لسان "حي" الذي وصل ا لى ما وصل ا ليه من خلال حواسه ا و لا التي قادته ا لى التفكير والتدبر وهذه بعض العبارات التي ركز فيها الكاتب على ا لفاظ النظر قال: "وكان في ذلك ينظر ك له ا لى جميع الحيوانات فيراها كاسية بالا وبار وبالا شعار وا نواع الريش... ثم يرجع ا لى نجاتي محمد عثمان: الا دراك الحس ي عند ابن سينا ص (25) (26) (27) فروخ عمر: ا خوان الصفاء. درس عرض تحليل ص 48. توفيق: دليل الا نفس بين القرا ن والعلم الحديث ص 75.

24 ( فيرى نفسه ما به من العري وعدم السلاح وضعف الع د و وقلة البطش... فكان يفكر في ذلك ولا يدري ما سببه... ينظر وكان ا لى ذوي العاهات والخلق الناقص... (28) فلا يجد لنفسه شبيه ا". ينظر ا ذن هو بعينه لتقوده ا لى التف كر وهذا وا ضح في ثنايا هذه الرسالة من بدايتها حتى نهايتها... وهو يعود ليبسط فلسفته با ن هذه الجوارح والا عضاء هي ا لات فنراه يقول: "... وا ن جميع الا عضاء ا نما هي خادمة له ومو دية عنه وا ن منزلة ذلك الروح تصريف الجسد كمنزلة من يحارب الا عداء بالسلاح التام ويصيد جميع صيد البر والبحر فيعد لكل جنس ا لة يصيد بها... كذلك الروح الحيواني واحد وا ذا عمل با لة العين كان فعله ا بصار ا وا ذا عمل با لة الا نف كان فعله شم ا وا ذا عمل با لة ال لسان كان فعله ذوق ا وا ذا عمل بالجلد وال لحم كان فعله لمس ا وا ذا عمل بالعضو كان فعله حركة وا ذا عمل بالكبد كان فعله غذاء واعتداء... ولكل واحد من هذه ا عضاء تخدمه ولا يتم لشيء من هذا فعل ا لا بما يصل ا ليها من ذلك الروح على الطريق التي تسم ى عصب ا ومتى (29) انقطعت تلك الطرف وانسد ت تع طل ذلك العضو...". وهذا هو منهج القرا ن الكريم في الدعوة ا لى التبص ر والتف كر في ا ياته فا لفاظ البصر في بعض ا يات القرا ن دعوة ا لى النظر ومن ثم التف كر للوصول ا لى عظمة االله. وتحت عنوان العقل يطل على االله في موسوعة علم النفس القرا ني يقول الجسماني: "ما ا كثر البي نات والبصاي ر التي يستهدي بها الا نسان لاكتناز حقيقة تكوينه والوشاي ج التي تشده ا لى ما يكتنفه في هذا الكون. ا ذ قال Y èδuρ Ä $ Ψ=Ï9 (30) t Í!$ Át/". "ÏμÅ ø uζî=sù u Çö/r& ô yϑsù öνä3în/ ÏΒ ã Í!$ Át/ Νä.u!%ỳ تعالى: ô s%" (32). " 5=ŠÏΨ Β دلالة الا يات الكريمة 7 ö6tã Èe ä3ï9 3 t ø.ïœuρ (31) Zοu ÅÇö7s?". "tβρã.x tgtƒ öνßγ =yè 9 Zπyϑômu uρ المذكورة في هذا السياق تنطوي على بيانات ذات دلالة تبصيرية تمكن الا نسان من الاهتداء ا لى ما في ذاته وما في عالمه الذي يحتويه. "تبصرة وذكرى لكل عبد ا ي: منيب" ومشاهدة خلق السموات سورة القصص ا ية 43. سورة ق ا ية (28) (29) (30) (31) (32) القطان ا براهيم: رسالة حي بن يقظان للفيلسوف المشهور ابن طفيل ص 35. القطان ا براهيم: رسالة حي بن يقظان للفيلسوف المشهور ابن طفيل ص سورة الا نعام ا ية 104.

25 والا رض وما جعل االله فيها من الا يات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب..." "ففي كل ذلك معنى للا نسان وتحريض له ليبصر ما في نفسه وما في بيي ته وا ن يتبص ر ويتدبر ليدرك (33) بالحواس وبالعقل عظمة باري ه وكيف كو نه على النحو الذي هو عليه. وهذا هو منهج اللغويين في تفسير معنى النظر الذي تتعاقب عليه الدلالة الحسية والدلالة المعنوية. ا ذ يقول ابن منظور في معنى النظر: "النظر حس العين وتقول نظرت ا لى كذا وكذا من نظر العين والقلب وفيما نقله ا يض ا عن ابن اسحق في تفسير قوله تعالى:!$oΨø%{ øîr&uρ" tβöθtãó Ïù tα#u (34) "tβρá ÝàΨs? óοçfρr&uρ معناه وا نتم ترونهم يغرقون يجوز ا ن يكون معناها وا نتم تشاهدون وتعلمون (35) ذلك وا ن شغلهم على ا ن يروهم في ذلك الوقت شاغل. ا ذن تتضافر جوارح الا نسان وعقله في ما نرى لا دراك المعارف التي تجعلنا نو من بعظمة الخالق ولذلك نرى ا ن الفلسفة المتز نة تتماشى مع معطيات العلم وتوافق الدين ا يض ا وشاهد ذلك ا ن كثير ا من العلماء غير المسلمين ممن بحثوا وتوص لوا ا لى نتاي ج مذهلة حي رت ا بصارهم وعقولهم لم يجدوا ا مامهم ا لا الا سلام والتوحيد والا يمان با ن هناك خالق ا عظيم ا يدير الكون وفي الوقت نفسه ا ن الا نسان ليس بحاجة داي م ا لا ن يكون عالم ا ليتفكر ثم يو من فالا عراب وقبلهم الا نسان البداي ي ا من بعظمة خالقه باستخدام حواسه عندما نظر ا لى السماء ثم نظر ا لى نفسه نظرة بسيطة "سي ل ا عرابي عن الدليل على وجود الصانع ) اللها ( فقال: البعرة تدل على البعير وا ثار الا قدام فسماء ذات ا براج (36) وا رض ذات فجاج ا لا تدلان على الصانع الخبير" وقد نرى ا ن ابن طفيل يجنح ا لى ما يعضد قولنا ا ذ يقول القطان في مقدمة كتابه رسالة ابن طفيل: "وقد انتهى ا لى تعزيز التوفيق بين الفلسفة والدين وا ن العقل والوحي سبيلان للمعرفة الصحيحة غير ا ن الفلسفة ينبغي ا ن يترك ا مرها ا لى (33) الجسماني عبد العلي: موسوعة علم النفس القرا ني ج 8 (34) سورة البقرة ا ية 50. (35) ابن منظور لسان العرب ج 5 ص/ 217 مادة نظر. ص/ 16 (36) ا مين ا حمد: التكامل في الا سلام ج 1 ص/.23

26 الخاص ة دون العام ة من الناس وقد رمز ا لى ذلك في قصته بعجز سلامان عن فهم ما وصل ا ليه (37) حي بن يقظان عن طريق العقل وا ن كان قد ا دركه عن طريق الدين". فكا نه يرى ا ن الدين والفلسفة صنوان وا ن الفلسفة تصل ا لى ما ا تى به الدين وقد يكون في ذلك من المغالاة وتمجيد للعقل الا نساني الذي يتنازعه الجسد وا هواو ه وبالتالي فا نه خص الفلسفة للخاص ة من الناس لتفاوتهم وقد يو من الا خرون ولكن بطريق الوحي والنبو ة. (2) جارحة الس مع: ا ن كنا ذكرنا ا ن العلماء والفلاسفة اتفقوا على ا ن البصر هو ا هم الحواس التي ا نعم بها االله على الا نسان فنجد ا نهم اختلفوا ا حيان ا في ا يتهما ا هم السمع ا م البصر في عملية التعلم. ا ما القرا ن الكريم فقد قرن السمع والبصر في ا يات كثيرة نظر ا لا هميتها وا لة السمع هي الا ذنان. "وتتمثل السمع حاسة في الا ذن با قسامها الثلاثة: الخارجية ا و ما يعرف بال صوان والوسطى والداخلية بما في ذلك عصب السمع الذي ينقل الا صوات على نحو معين ا لى الجزء المختص لمعالجة ال لغة من الدماغ ويمثل الصوان مرا ة مقع رة تعمل على جمع ا كبر قدر ممكن من الذبذبات الصوتية. ا و ا ن شي ت فهواي ي محطة ا قمار صناعية ا و كا نه عدسة لام ة... (38) تبارك االله ا حسن الخالقين". وما زال تفسير معاني الصور والمري يات في ا ذهاننا ا مر ا محي ر ا لدى العلماء وكذلك الا مر بالنسبة لتفسير عقولنا لتلك الذبذبات الصوتية وتصنيفها ا لى ا صوات لها معا ن شتى. ويركز علماء ال لغة على ا همي ة حاسة السمع في عملية التعلم ويرون ا نها المكم لة لجهاز النطق يقول الا ستاذ يحيى في كتابه اللغة والحواس: "... وجدير بالذكر ا ن العرب اشتقت من الا ذن مفردات ا وقعتها على معاني العلم والا علام ونحوهما وتوجيه ذلك ا ن عملها السمع هو سبيل 17 (37) (38) قطان: رسالة حي بن يقظان للفيلسوف المشهور ابن طفيل ص 43. جبر: يحيى ال لغة والحواس ص 74.

27 الا نسان ا لى العلم وهو الا صل في العملية اللغوية والمكمل لجهاز النطق حيث يجعل للا لفاظ (39) المنطوقة قيمة ودور ا ذلك ا نه لا قيمة لجهاز النطق في الا نسان ما لم تكن هناك ا ذان تسمع...". ونجد ا ن الا ذان في ال لغة كما ورد في كتاب التعريفات للجرجاني هو: "مطلق الا علام" وفي الشرع: الا علام بوقت الصلاة با لفاظ معلومة ما ثورة والا ذ ن في اللغة: الا علام وفي الشرع فك (40) الحجر وا طلاق التص رف لمن كان ممنوع ا شرع ا". نلاحظ ارتباط هذه المشتقات الما خوذة من حاس ة سنراه ا يض ا عند الفلاسفة. الس مع بالا علام والتع لم في ال لغة وهذا ما وا ذا كان القرا ن الكريم قرن السمع والبصر في ا يات كثيرة فا ن حديث الفلاسفة عن الس مع لا نجد فيه اختلاف ا عن حديثهم عن البصر وا هميته فقد تناولوا حاسة الس مع من ناحية تركيبية تشريحية وربطوا عملها بالقوى الروحانية المتعلقة بالنفس وعد وا الس مع كباقي الحواس- ا حدى ا لات النفس يذكر الرازي ذلك في تقسيمه قوى النفس الا نسانية: "وا ما النفس الا نسانية فقالوا لها قوتان نظرية وعملية فا ما النظرية: فهي القوة التي باعتبارها تسبق جوهر لقبول الصور الكلية المجر دة. وا ما العملية: فهي القوة التي باعتبارها تسبق جوهر النفس لتدبير هذا البدن والقيام با صلاح مهماته فهذا القول في ضبط القوى الا نسانية. واعلم ا ن الفلاسفة فر عوا هذه الا قوال على القوى فا سندوا كل فعل على حده ا لى قوة على حدة ثم زعموا ا ن بعضها قوى جسمانية وبعضدها قوى روحانية. فا ما نحن فقد ا ثبتنا في جملة كتبنا ا ن جميع هذه الا دراكات قوى النفس وكل عضو من ا عضاء البدن فهو ا لة النفس بحسب فعل خاص من ا فعالها فا لة النفس في الا بصار هي العين وفي السماع (41) هو الا ذن وفي النطق هو اللسان". (39) المصدر نفسه ص الرازي: كتاب النفس والروح وشرح قواهما ص (40) (41) الجرجاني: التعريفات ص 15.

28 (42) وهكذا ورد معنى السمع في اللغة قال ابن منظور في تعريف السمع: "حس الا ذن". ا ما السمع المعنوي الذي ورد بالدلالة المجازية في اللغة يا تي بمعنى الفهم والعلم وقد ذكر الزبيدي #Z ö yz öνíκ Ïù ª!$# zνî=tæ على سبيل المثال- ا ن السمع يا تي بمعنى الفهم في قوله تعالى: öθs9uρ" (44) (43) "öνßγyèyϑó `{ ا ذ يقول في معنى ا سمعهم "ا ي ا فهمهم با ن جعل لهم قوة يفهمون بها". ومن الا راء الصاي بة والهامة ا يض ا التي توص ل ا ليها العلماء والفلاسفة المسلمون وا كد على صحتها العلم الحديث في كيفية حدوث السمع حقيقة انتقال الصوت ا لى الا ذن عبر موجات الهواء مما يدل على ا همية التفكير الاستنباطي الذي كان يو دي للوصول ا لى الحقيقة العلمية وهذا ما توص ل ا ليه ابن سينا: "ولقد استطاع ابن سينا ا ن يصل بطريقة التفكير الاستنباطي ا لى حقيقة علمية ما زالت صحيحة حتى اليوم وهذه الحقيقة هي ا ن الصوت ينتج عن تا ثير الموجات الهواي ية ا و على حسب (45) اصطلاح ابن سينا ا ن الصوت عارض معرض من حركة الهواء المتموج". (46) "È ø y ô Ζ9$# فاالله تعالى خلق çμ oψ ƒy yδuρ É tgx x uρ $ZΡ$ Ï9uρ È uζøštã ã&! yèøgwυ óοs9r&" هذه الجوارح للا نسان ليتبين بهمها طريق الخير والشر. فالاستفهام تقرير ا ي جعلنا له عينين (47) ولسان ا وشفتين وهديناه النجدين ا ي بينا له طريق الخير والشر. ويو كد الفلاسفة المسلمون في ا كثر من موضع على ارتباط ا فعال الجوارح بالنفس ويبرزون ا همية هذه الجوارح في اكتساب المعارف ومن ثم التعويل على النفس التي تدب ر ا فعال هذه الحواس ا و الجوارح ويريدون بالنفس العقل الا نساني على الا غلب يقول ا بو علي ا حمد بن مسكويه في كتابه الحكمة الخالدة: "ا ن النفوس وا ن غمضت مواصفاتها وخفيت ا وعيتها ولطفت مسالكها فهي ا وعية حكمة لا تعد ومعادن خيرات لا تنزح وخزاي ن عجاي ب لا تحصى ثم هي مدب رة الا بدان وجوارحها والقاي مة على سياستها والسلطة على استخدامها وهي المعطاة خزاي م 19 (42) ابن منظور: لسان العرب ج 8 ص/ (43) سورة الا نفال ا ية 23. (44) الزبيدي: تاج العروس ج 5 ص/ (45) (46) (47) 164 مادة سمع. 388 مادة سمع. نجاتي: الا دراك الحسي عند ابن سينا ص 111. سورة البلد ا ية 8. المحلي جلال الدين: تفسير الجلالين ص 589.

29 الا جسام المطيعة لها وهي المكملة تصريف ا ع نتها. ا ليها تتناهي الجوارح با عمالها. وا ليها تو دي (48) مكاسبها وتنظر فضلها فيما توصل ا ليها من المعارف بالحواس وعنها تصدر الا قضية..". والجانب الهام الذي يركز عليه العلماء والفلاسفة هو ارتباط عمل الجوارح بقو ة الا يمان فك لما ا عملنا جوارحنا وحواس نا فيما حولنا ك لما ساعدنا ذلك على اكتساب المعارف واكتشاف ا سرار الكون وتذليل مخلوقات االله لخدمة الا نسان فيكسب الا نسان بذلك خير الد ارين ويزداد ا يمان ا بعظمة الخالق وهذا ما يو كده القرا ن الكريم في ا يات عد ة يسوقها علماء النفس والفلاسفة في الاستدلال على ا همية الحواس عامة والسمع منها خاصة- لدى الا نسان يقول الجسماني في موسوعة علم النفس القرا ني: "يحث الكتاب المبين على التجربة والمشاهدة واستعمال الحواس قال (49) تعالى في لزوم استعمال السمع والعقل : óοn=sùr&" tβθè=é) ètƒ Ò>θè=è% öνçλm; tβθä3tgsù ÇÚö F{$# Îû (#ρç Å o (50). "$pκí5 tβθãèyϑó o β#sœ#u ρr&!$pκí5 والرازي في كتابه النفس والروح يذكر في الفصل السادس تحت عنوان في ا ن المتعلق بجوهر النفس هو القلب وبواسطة القلب يتع لق بساي ر الا عضاء نراه يو كد على ا همية السمع في معرض ذكره ا حدى ال لطاي ف اللغوية على حد تعبيره- في قوله تعالى: βî)" 3 t ò2ï%s! y7ï9 sœ Îû (51) "Ó Îγx فهذه الا ية دالة بصريحها على ا ن محل uθèδuρ yìôϑ 9$# s+ø9r& ρr& ë=ù=s% çμs9 tβ%x. yϑï9 الذكر والفهم هو القلب.... واعلم ا ن هذه الا ية مشتملة على لطيفة عجيبة ا لا ا ن بيانها بتقديم سو ال فا نه يقال: ا ن الواو العاطفة ا ليق بقوله: "وا لقى السمع" من الواو القاسمة وذلك لا ن حصول الذي لا بد فيه من مجموع ا مرين: "لا بد فيه من القلب ولا بد فيه من ا لقاء الس مع عبارة عن الجد والاجتهاد في تحصيل تلك (48) مسكويه علي: الحكمة الخالدة ص 292. (49) الجسماني عبد العلي: موسوعة علم النفس القرا ني ج 3 /القسم الثاني ص (50) (51) سورة الحج ا ية 46. سورة ق ا ية 37.

30 الا دراكات والمعارف ومعلوم ا نه لا بد من ا مرين مع ا فكان ذكر الواو القاسمة هنا ا ليق من ذكر (52) الواو العاطفة". ا ذن هو يجعل الس مع والقلب شريكين في حصول الذكرى والا دراك مما يد لنا على ا كبار العال م لحاسة الس مع من خلال تفسيره الا ية الكريمة ا نه السمع الذي يفتح المدارك والعقول السمع الذي يتطلب منا الجد والاجتهاد وا لا فا ن السمع لا طاي ل منه ويصبح الا نسان كالا صم كما عب ر عن ذلك القرا ن الكريم. وهذا هو ما ذكرته المعاجم اللغوية في معنى ا لفاظ السمع المعنوية كما ذكرت قبل قليل في معنى سمع بدلالته المجازية. ويمكننا ا ن نلاحظ مباشرة مما سبق ا همية الحواس ودورها في الا دراك وبالتالي اكتشاف قوانين الحياة التي نسعى ا لى اكتشافها فاللغويون يناقشون السمع والبصر في القرا ن الكريم بدلالاتها المعنوية والمجازية بلغة وا فكار تلتقي مع ا فكار الفلاسفة المسلمين ا لى حد كبير في ا راي هم حول ارتباط الحواس بالعقل الا نساني. (3) جارحة الفم واللسان: يقترن الفم واللسان لدى الا نسان في الموقع كما يشتركان في الا داء الوظيفي لبعض ا فعالهما ومن هنا جاء وضع هاتين الجارحتين في عنوان واحد وقد جاء تركيز الفلاسفة على تناول جارحة ال لسان بفعليها الا ساسين وهما النطق وال ذوق ولم يتناولوا ا فعال الفم الا خرى كما را ينا عند ال لغويين الذين تناولوا ا فعال ال لسان والفم على حد سواء. ولذلك جاءت ا لفاظ ا فعال جارحة ال لسان لدى الفلاسفة مرتبطة بوظاي فه كما ا نه من الملاحظ ا ن الفلاسفة يركزون دراسات هم على حواس الا نسان الخمس وليس على جوارحه عام ة كون الحواس لها ارتباط بالا فعال المادية والروحانية واقتراب الفيلسوف من الروحانيات يكون ا كثر من اقترابه من الماد يات. 21 (52) الرازي: كتاب النفس والروح وشرح قواهما ص 52.

31 وابن رشد يتناول ا لفاظ جارحة ال لسان من خلال ذكر وظاي فه كما يرد ذلك في كتاب الصحة: "وا ما ال لسان فالا مر فيه بي ن ا نه ا نما ا عد نحو فعل ال ذوق وا ن كان مع هذا يصحب فيه ا مر ا خر من جهة الا فضل وهو ا نه الذي به يتهيا تقطيع الحروف وفي ا صل ال لسان فوهتان تفضيان ا لى لحم غددي يقال له مو لد ال لعاب ومنفعة هذا ال لعاب ا نه يغسل الا شياء الم ذوقة حتى يظهر طعمها (53) في الفم". ا ن ال لغويين تناولوا ا فعال ال لسان في جانبي الذوق والكلام وبذلك يلتقون مع ا راء الفلاسفة في بيانهم الد لالات الا صلية الخاص ة بتلك الجارحة مع تركيز ال لغويين على الجانب المجازي لا فعال هذه الجارحة خاص ة ا ن ا لفاظ ا فعال جارحة ال لسان في القرا ن الكريم كثير ا ما انتقلت ا لى الد لالة المجازية. فالنطق عند الزبيدي: "... (54) يظهرها اللسان وتعيها الا ذان". ي ن ط ق بالض م تك لم بصوت... والنطق الا صوات المقطعة التي وا ذا نظرنا ا لى العلم الحديث في مجال التشريح نجد ا نه تطابق ا لى حد كبير في بيان وظاي ف ال لسان مع ا راء الفلاسفة المسلمين ففي موسوعة جسم الا نسان ي عرف ال لسان وي ذكر وظيفته الخاصة بالذوق: "ا لة الذوق وهي ال لسان والذي يشغل الجدار السفلي ويستقر على طبقة لفافية عضلية... تلتقط براعم الذوق ا ربعة طعوم ا ساسية فقط هي الحلو والمر والمالح والحامض (55) وبالا مكان حسب الاكتشافات الحديثة ا نه بالا مكان الا حساس بطعم معدني وبطعم قلوي". وهذا ا يض ا يطابق معنى الذوق في اللغة (56) الشيء والذواق هو الما كول والمشروب". كما يذكر ابن منظور با ن: "... المذاق طعم ابن منظور: لسان العرب ج 10 ص/ 11 مادة ذوق. 22 (53) (54) (55) (56) ابن رشد: الكليات في الطب من كتاب الص حة ص 194. الزبيدي: تاج العروس ج 1 ص/ 76 مادة نطق. حبيب: موسوعة جسم الا نسان ص

32 ويتحدث محمد عز الدين في كتابه دليل الا نفس فيما يخص جارحة الفم وال لسان واضطلاعهما بوظاي ف هام ة في جسم الا نسان- بما يدل على ا هميتهما ود قة ا داي هما قاي لا: "ا ما عملية التذوق نفسها تتم في المراكز المختصة من الد ماغ فمثلها مثل الا حساسات الا خرى حيث ينطلق من ال لسان نوعان من الحزم العصبية تحمل النبضات ا لى الدماغ نوع يحمل ا حساسات الا لم والحرارة وال لمس وا خر يحمل الا حساسات الذوقية فيصل ا حساس كل نوع منفص لا لكن المراكز المختلفة في الد ماغ تمزج المعلومات فيحس الا نسان بالنكهة النهاي ية للشيء المتذ وق وهذا هو السبب (57) ا ننا نجد مذاق الحليب البارد مث لا غير مذاقه وهو ساخن". ذوق فماد ة في الفلسفة الا سلامية والعلم الحديث ترتبط بفعل الحاسة المسم اة باسم فعلها وهكذا تناول الفلاسفة لفظة الذوق على اعتبارها الحاس ة المعروفة- من ناحية تركيبية ووظيفية وعد وها الحاسة المسو ولة عن تمييز الطعوم ونتيجة ذلك يا تي لفظ ال طعم لديهم ا يض ا في سياق وظاي ف حاسة الذوق التي ا لتها اللسان. يقول نجاتي عن ال ذوق كما يذكر ابن سينا في كتاب الشفاء: "للذوق طعمان ا وليان هما الحلو والمر وطعوم ا خرى متوس طة بينهما وهي الحموضة والقبض والعفوصة والحرافة والد سامة والبشاعة... الذوق ويحس ا يض ا التفه وهو عدم الطعم وهو كما الماء. يذاق وكل حاسة تدرك على العموم محسوسها وعدم محسوسها كالظلمة للعين والسكوت للسمع والت فه فيدرك للذوق (58) بالقوة لا بالعقل". ويربط ا خوان الص فاء ا فعال ال لسان بحاسة الذوق التي يرون ا ن وظيفتها تمييز الطع وم المختلفة: "وا ما كيفية ا دراك الذاي قة لمحسوساتها التي هي الطعوم حسب وهي تسعة ا نواع ا ولها الحلاوة الملاي مة لمزاج ال لسان والثاني المرارة المنافرة لمزاج اللسان والثالث الملوحة والرابع الدسومة والخامس الحموضة والسادس الح رافة والسابع العفوصة والثامن العذوبة والتاسع 23 (57) (58) توفيق: دليل الا نفس بين القرا ن الكريم والعلم الحديث ص 276. نجاتي: الا دراك الحسي عند ابن سينا ص

33 القبوضة فا دراكها هو ا ن تتصل رطوبة هذه الطعوم برطوبة ا للسان فتمتزجان فيعتبر مزاج اللسان بحسب ذلك ال طعم ا ن كان حلو ا فحلو وا ن كان مر ا فم (59) ر...". نلاحظ اتفاق الفلاسفة المسلمين ا لى حد كبير في تناولهم ا لفاظ ا فعال جارحة ال لسان مع معطيات العلم الحديث ومع الد لالات الا صلية ا يض ا لدى ال لغويين في الجانب الوظيفي الخاص بالذوق. فطعم في اللغة -على سبيل المثال- لفظة تدل على وظيفة الحاسة كما عند الفلاسفة يذكر (60) ابن فارس ا ن طعم: "ا صل مض طرد مقاس في ت ذوق الشيء". يو كد الفلاسفة والعلماء على تضافر الفم وال لسان في ا خراج الحروف والقيام بعملية ال نطق $ZΡ$ Ï9uρ È uζøštã ã&! yèøgwυ وقد قرن القرا ن الكريم ال لسان والشفتين في قوله تعالى: óοs9r&" (61) "É tgx x uρ ويجعل ابن رشد عملية النطق هي الوظيفة الا فضل من وجهة نظره- ل لسان مقارنة مع وظيفته الذوقية كما ذكرت قبل قليل عند حديثه عن وظاي ف ال لسان. ويو كد عز الدين في كتابه دليل الا نفس بين القرا ن الكريم والعلم الحديث على ذلك حيث يقول: "واللسان والشفتان ا هم عضوين في ا خراج الحروف لمرونتهما الكبيرة قال تعالى: $ZΡ$ Ï9uρ" (62) "É tgx x uρ فال لسان مزو د بسبع عشرة عضلة تسمح له بحركة كبيرة ونسيج الشفتين نسيج خاص يتش كل حسب الحاجة هذه المرونة التي يتمتع بها نسيج اللسان والشفتين هي التي ا تاحت لهما القيام بوظيفتين مختلفتين الا كل والنطق. فحركة اللسان نستفيد منها في خلط الطعام وجمعه ودفعه وفي نفس الوقت نستفيد منها (63) لا خراج عدد من الحروف". توفيق: دليل الا نفس بين القرا ن الكريم والعلم الحديث ص (59) (60) (61) (62) ا خوان الصفاء: رساي ل ا خوان الص فاء وخلان الوفاء ص 407. ابن فارس: مقاييس اللغة ج 3 ص/ سورة البلد الا يات 9. 8 سورة البلد ا ية (63)

34 ووجهة نظر ابن رشد في بيان ا همية وظيفة ال لسان الخاص ة بالنطق والكلام وجهة يعضدها العلم الحديث الذي يربط ال لغة والنطق الا نساني بالفكر. كما ا ن را يه يتوافق مع ما نلاحظه من تنو ع ا لفاظ الكلام في القرا ن الكريم ومضاعفة ا عدادها على ا لفاظ ال ذوق التي اقتصرت على لفظتي ذاق وطعم. ومع ما نجده عند ال لغويين من هذا الثراء في دلالات ا لفاظ ا فعال ال لسان الخاص ة بالنطق وذلك العمق في الد لالة وذلك الت طور في مسيرة ال لفظة الد لالية. ولا بد ا ن يكون كل ذلك نتيجة عمل عقل الا نسان وفكره في صناعة الا لفاظ بدلالاتها المختلفة. يقول عز الدين لصلتها "فال لغة بالفكر- مي زة ا نسانية لذلك فا ن تعلم ها في فترة الطفولة يتم بتدخل ملكة فكرية يولد بها ال طفل. ا ن ال لغة ليست ا صوات ا غريزية حتى يكفي في تعلمها العامل الشرطي الذي يستخدم لتلقين ا نواع من الحيوانات بعض الكلمات بل هي مصطلحات ومعان تحتاج ا ثناء تعلمها وتلقي دلالتها قوة فكرية (64) سابقة يدرك بها ال طفل الص لة بين الدال والمدلول وال لفظ ودلالته". وعندما نجد هذا التنو ع الد لالي في لغة القرا ن عامة والمعجم الذي نحن بصدده خاص ة يجعلنا نو كد مع ما ذهب ا ليه الفلاسفة في ارتباط ا فعال ال لسان بالفكر ولذلك نجد ا ن هذا التنو ع في ا لفاظ ا فعال ال لسان في لغة القرا ن الكريم لم يا ت عبث ا وا نما كان يحمل في كل مر ة معنى يختلف عن المعنى الذي تحمله ال لفظة الا خرى يدرك ذلك العقل المفكر المتدب ر لمعاني القرا ن العظيم. وفي سياق هذا التنو ع يرى بعض الفلاسفة ا ن الكلام كالطع ام يتفاوت بتفاوت ا لفاظه وكلماته ولذلك يقال لكل مقام مقال يقول كشاش: "لذة الكلام تدرك كما يدرك لذيذ الما كل فبعض الا طعمة تسكب الرطوبة في ال لسان وتنعكس انتعاش ا في الا بدان ومن الا طعمة الكلامية التي تبعث الرطوبة "ذكر قال معاذ: االله" قلت يا رسول االله: (65) ا ي الا عمال ا فضل قال لا يزال لسانك رطب ا من ذكر االله". (4) جارحة اليد والقدم: تتناول الباحثة عن جارحة اليد والقدم في ا راء الفلاسفة من حيث اتصالهما بحاسة ال لمس وذلك لا ن الفلاسفة ر كزوا في دراساتهم وا بحاثهم في ا لفاظ الجوارح على ما يبين ا همية هاتين 25 (64) (65) توفيق: دليل الا نفس بين القرا ن الكريم والعلم الحديث ص 282. كشاش: اللغة والحواس ص 105.

35 الجارحتين وتمي ز الا نسان بهما عن ساي ر الحيوان وقد اقتصرت على الحواس الخمس وسا ذكر هنا الد لالات ال لغوية التي را يناها في ا لفاظ اليد خاص ة وهي تحمل المعاني المعنوية ا كثر من احتمالها المعاني المادي ة وذلك لا هميتها بالنسبة للا نسان. فاليد: "تتحرك بفضل عظامها المتعد دة وبفضل المفاصل الموجودة في الكتف والكوع والسلاميات وبفضل توزيع العضلات على هذه العظام توزيع ا مزدوج ا... وبفضل الا عصاب التي تتخلل اليد ثم بفضل الموقع العام في الجزء الا على للجسم وا خير ا بفضل عضلات وعظام الجسم كله. لكن اليد في ذاتها بسيطة ولبساطتها فهي ا لة راي عة لا ن بساطتها لا تعكس بساطة ا عمالها فهي تحس وتعمل في ا ن واحد ومفاصلها وا صابعها الخمس وموقع الا بهام مقابل الا صابع الا ربع الا خرى جعلها تتكيف مع ا شق الا عمال وا دقها فاستعملت الفا س والمطرقة مثلما استعملت السيارة والطاي رة. ا نها تستطيع ا ن تسرق وتقتل كما تستطيع ا ن تنفق وتبذل تستطيع ا ن تبذر الحبوب كما تستطيع ا ن تلقي القنابل وتستطيع ا ن تتلقى الضربات عن الجسم فتحميه... كما تستطيع ا ن تهد د (66) فتعبر عن مشاعر الرغبة في الانتقام تستطيع توصيل الطعام ا لى الفم". كل المعاني السابقة التي ساقها عز الدين حملتها دلالات ا لفاظ اليد في ا يات القرا ن الكريم وقد را ينا من ا لفاظ اليد التي وردت في الا يات القرا نية ما تشابه في دلالته مع اختلافات دقيقة عد ها اللغويون من باب المترادف وغلب على ا لفاظ هذه الجوارح الدلالة المجازية. كما في قوله $YΒθè=tΒ y ãèø)tfsù ÅÝó t6ø9$# ä. $yγôüý ö6s? Ÿωuρ y7é)ãζãã 4 n<î)»'s!θè=øótβ x8y tƒ ö yèøgrb تعالى: Ÿωuρ" (67) "# θý øt Χ. فا صل البسط النشر والتوسعة فجاء بسط اليد كناية عن الا نفاق وجاء الغل كناية عن البخل... وهكذا. وقد ذكر الزبيدي ا ن البسط في اليد من باب المجاز ا ذ قال: "بس ط ا لي يده بما ا حب y7ø s9î) y Ï tƒ 7ÝÅ $t6î/ O$tΡr&!$tΒ Í_n=çFø)tGÏ9 x8y tƒ n<î) MÜ o0 (مدها) وا كره ومنها قوله تعالى:. È s9" 26 (66) (67) توفيق: دليل الا نفس في القرا ن الكريم والعلم الحديث ص 288. سورة الا سراء الا ية (29).

36 (68) "( y7n=çfø%l{ وكذلك بسط رجله وهو مجاز وكذلك قبض يده ورجله وا صل البسط النشر وما (69) عداه يتفرع عليه. ا ما القدمان فا ن ا هميتهما كبيرة بالنسبة للا نسان وتمي ز الا نسان عن الحيوان با نه يمشي عليهما كما هو معلوم. وفي كل جارحة من جوارح الا نسان مي زة تمي زه عن ساي ر المخلوقات يقول عز الدين توفيق في دليل الا نفس: "ليست الرجلان با قل شا ن ا من اليدين فا نهما لا يحملان ثقل البدن فحسب بل ويحملانه حيث ا راد بسرعة تزداد وتنقص حسب الا رادة ومن الممتع ا ن يراقب الا نسان نفسه وهو يسير ليرى كيف تنقله رجلاه بخطى متناوبة ا لى كل مكان يريده والتفضيل باد في الهيي ة المستقيمة التي يمشي عليها الا نسان فالحيوانات كلها تمشي بخلافه محني ة ظهورها مكبوبة على (70) وجوهها مما يتميز بها الجسم ا نه يقوى بالحركة ولا يضعف". ا ذن جوارح الا نسان عامة محاسب عما تكسبه هذه الجوارح. -وقدمه ويده خاص ة- تمي زه عن ساي ر الحيوان ولذلك هو ا ما الفلاسفة فقد خص وا هاتين الجارحتين ا ثناء حديثهم عن عضو ال لمس وا ن كان هذا العضو ا و الحاسة منتشر ا في ا نحاء البدن كا فة ا لا ا ن مركزه في اليد خاص ة والقدم ا يض ا وسمو ا الا نامل لشدة حساسيتها حاكمة البدن. وتتفق ا راء هو لاء الفلاسفة مع العلم الحديث في حساسية اليدين والقدمين ا كثر من غيرها. جاء في موسوعة جسم الا نسان: "يحتوي الجلد على عصيات صغيرة تدعى الحليمات الحسي ة تنتشر هذه في الا دمة وخاص ة في ا دمة اليدين والرجلين... وتكثر لاقطات ال لمس في اللسان وا طراف الا صابع ا كثر منها في ا ماكن ا خرى من الجسم والمثيرات العصبية تتحول ا لى ايعازات عصبية تصل ا لى الحبل الشوكي ومنه ا لى مركز الدماغ (المهاد البصري) وهو يدرك لكنه لا يمي ز المو ثرات وهو مسو ول عن التحسس لكن وظيفته تتلخص بتنسيق توفيق: دليل الا نفس في القرا ن الكريم والعلم الحديث ص (68) (69) (70) سورة الماي دة الا ية (28). الزبيدي: تاج العروس ج 5 ص/ 105 مادة بسط.

37 المادة الحسية بضم المثيرات المتجانسة والواردة من نوا ح مختلفة من الجسم ا لى بعضها البعض (71) لكي تنتقل ا لى القشرة الحاسة وهي منطقة في الد ماغ تتولى تحليل الا حساسات". وذكر ابن منظور في هذه الدلالة الوظيفية لحاسة اللمس في مادة (72) الحس وقيل المس باليد". "لمس" ا ذ يقول: "اللمس < $sûö Ï% Îû $Y7 tfï. y7ø n=tã $uζø9 tρ فاللمس تا تي بمعناها الحقيقي كما في قوله تعالى: öθs9uρ" "ا ي مكتوب ا في ورق كما (73) " Î7 Β Ö óså ωî)!#x yδ βî) (#ÿρã x x. t Ï%!$# tα$s)s9 öνíκ Ï ƒr'î/ çνθý yϑn=sù اقترحوه فلمسوه با يديهم ا بلغ من عاينوه لا نه ا نفى للشك.. لقال الذين كفروا ا ن هذا ا لا سحر مبين (74) تعنت ا وعناد ا". ا ذن تتركز لاقطات اللمس في الا نامل ا كثر منها في ا ماكن ا خرى في الجسم وقد ا شار ا خوان الص فاء ا لى ذلك نحو ما ذكرته في مقدمة الفصل. ولذا نجد ا ن ا لفاظ القرا ن الكريم الخاص ة بحاسة ال لمس تعب ر عن ذلك سواء ا حملت هذه الا لفاظ الدلالة الحقيقية ا م المجازية كما يذكر ال لغويون والمفسرون فاللمس والمس مث لا متشابهان ولكن اختلافات طفيفة بينهما من ناحية الدلالة والشعور. وابن سينا ا يض ا يذكر ذلك يقول نجاتي في كتابه الا دراك الحسي عند ابن سينا: "يقول ابن سينا في كتاب الحيوان ا ن الجلد يختلف في شد ة حساسيته في الا جزاء المختلفة من الجسم بالنسبة ا لى مقدار اعتدال مزاج هذه الا جزاء فما كان مزاجه ا كثر اعتدا لا كانت حساسيته ا قوى. يقول ابن سينا... اللحم ا قرب الا عضاء من الاعتدال وا قرب منه الجلد وا عدل الجلد جلد اليد وا عدل جلد اليد جلد الكف وا عدله جلد الراحة وا عدله ما كان على الا صابع وا عدله ما كان على 28 (71) (72) (73) (74) حبيب: موسوعة جسم الا نسان ص ابن منظور: لسان العرب ج 4 ص/ سورة الا نعام ا ية مادة لمس. المحلي جلال الدن: تفسير الجلالين ص 140.

38 السبابة وا عدله ما كان على الا نملة منها فلذلك هي وا نامل الا صابع الا خرى تكاد تكون الحاكمة (75) في تقدير الملموسات". نلاحظ ارتباط هاتين الجارحتين بحاس ة ال لمس عند فلاسفة المسلمين وعد وا حاس ة ال لمس على ا نها تشبه ا ن تكون عد ة حواس يقول نجاتي في كتابه الا دراك الحسي عن ابن سينا: "... ولذلك يلاحظ ابن سينا كما لاحظ ا رسطو من قبل ا ن ال لمس يشبه ا ن يكون عد ة حواس لا حاسة واحدة غير ا ن ابن سينا امتاز عن ا رسطو في هذه النقطة بالدقة والوضوح وهو يذهب ا لى ا نه من (76) المحتمل ا ن يكون ل لمس ا ربع حواس". ونجد ا ن ا لفاظ ا تتعلق بجارحة اليد وردت في القرا ن الكريم ترتبط من الناحية ال لغوية (77) "tβρã γsüßϑø9$# ωî) ÿ çμ yϑtƒ ω 5βθãΖõ3 Β 5= tgï. والد لالية بما عب ر عنه الفلاسفة. قال تعالى: Îû" وقال تعالى: ρr&" ãλä ó yϑ s9 (78) "u!$ ÏiΨ9$# فالا ية الا ولى يحمل المس فيها الدلالة المحسوسة الخاصة بالجارحة واللمس في الا ية الثانية يحمل دلالة مجازية تعني الجماع. وقد يرتبط هذا التنوع الدلالي بتعدد حواس اللمس التي ذكرها ابن سينا. ا لفاظ العقل عند الفلاسفة: عند الحديث عن الحواس والجوارح را ينا ا ن الفلاسفة والعلماء ربطوا ا عمال هذه الجوارح بقوى روحانية وعنوا بهذه القوة قوة العقل الذي هو مناط تكليف الا نسان وهو الذي ما زال كنهه غامض ا على الرغم مما توصل ا ليه العلم الحديث وقد ا سهب الفلاسفة في الحديث عن العقل وذلك لا نه الركيزة التي ينطلق منه علمهم فالصحيح لا بد ا ن يوافق العقل ولذلك نجد ا ن الفلاسفة المتزنين را وا في الفلسفة ما يوافق الدين. وا ذا قيس الدين بمقياس العقل نجده يوافق السليم العقل وبالعقل نستطيع ا ن نفهم كل ما جاء به الدين ا لا ا ن بعض الفلاسفة غالوا في الاعتماد على العقل 29 (75) نجاتي: الا دراك الحسي عند ابن سينا ص 88. (76) المصدر نفسه ص 89. (77) (78) سورة الواقعة الا يات سورة النساء ا ية 43.